حين ينطق القلم

الإبل العجماء تخافت المضغ عند الإجترار

بشير شريف البرغوثي
بشير شريف البرغوثي

بشير شريف البرغوثي

 

الإبل تخافت صوت المضغ عند الإجترار .. فما بال بعض البشر لا يستحون مما تستحي الإبل منه؟
يلمز البعض من عدم مشاركة سوريا مباشرة في مفاوضات تخصها.
لم يستوعبوا ما قلناه منذ بداية الأزمة .. كل الأطراف التي توقع أي اتفاق .. تضع تواقيعها أدناه
وحدها سوريا تظل الموقعة أعلاه !
يعني ذلك أن الرئاسة السورية لا تحب الثرثرة ولا جعجعة الصبية المراهقين .. بل تهمها سلامة القرار و الإستماتة في تنفيذه
سلامة القرار تعني أننا لا نفاوض أحدا يحتل أرضنا بل نقاتله .. هذا ما تقوم به سوريا بما أوتيت من قدرات محدودة مقارنة بأعدائها و بمخزون من الكرامة و الشرف ليس لأعدائها منه نصيب
فليت كل عربي له أرض محتلة يعي هذا الدرس الخطير .. لا تفاوض عدوا طالما هو يحتل أرضك . قم إلى سلاحك و دع غيرك يفاوض و احتفظ بمفاتح القرار في يدك آخر الأمر .. أظن الرسالة واضحة للفلسطينيين بخاصة في رام الله و غزة على حد سواء
إن احترام سوريا لحلفائها و التزامها بما يقرونه كأطراف ضامنة .. جعل حلفاءها يثقون بأنها دولة عريقة تحترم التزاماتها و هكذا لا يجدون حرجا في تمثيلها على أعلى المستويات بكل جدية .. حتى يبدو لافروف مثلا عميد الدبلوماسية الدولية المعاصرة و كأنه يعمل وزير خارجية سوريا
و الدرس هنا أن دولة متواضعة الإمكانات تستطيع توظيف أطراف دولية كي يخوضوا المواجهة عنها
لم تستطع اي دولة عربية تحقيق ذلك قبل الآن .. لم ينجح ذلك معنا لا في العراق و لا في ليبيا و لا مصر .. السابقة السورية يجب ان تدرسها الدول الضعيفة و كل دولنا ضعيفة عندما تواجه قوى إقليمية هوجاء تعميها القوة
نصيحتي لكل العرب
أن يجلسوا بهدوء و يتعلموا بدل هذه الجعجعة حول إبادة الشعب السوري أو حول مزاعم الكيماوي و سوى ذلك من أفلام .. يعرف كل إعلامي عربي حين يصدق مع نفسه أنها كانت مجرد خيال وسخ مدفوع الأجر لأن العمل على انتاج هذه الخزعبلات تم عرضه على معظم الإعلاميين العرب فقبل بعضهم و رفض البعض الآخر ذلك … و قد يأتي اليوم الذي يبوح به بعضهم بآليات و أجور هذه التعليقات .. فلست معنيا أبدا بهم كحالات إطلاقا بل أدعو إلى التعلم بهدوء بعيدا عن هذا الإجترار فحتى الإبل العجماء تخافت المضغ عند الإجترار .. كأنها تستحي أن تجهر به.

بشير شريف البرغوثي

بدأ الكاتب بشير شريف البرغوثي حياته المهنية مترجما و محللاً سياسياً و باحثاً في دار الجليل للنشر و الدراسات و الأبحاث الفلسطينية في العاصمة الأردنية عمان و خلال الفترة من سنة 1984-1989 صدرت له عن تلك الدار عدة كتب و أبحاث باسمه أو باسم الدار و تميزت كلها بالريادة و استشراف الأحداث و كان كتاب " إسرائيل عسكر و سلاح " سنة 1984 أول من أوائل الدراسات العربية حول خطورة تمدد المجمع الصناعي العسكري الإسرائيلي في العالم. و في سنة 1986 أصدر أول دراسة شاملة عن تأثير المياه في الصراع العربي الصهيوني بعنوان " المطامع الإسرائيلية في مياه فلسطين و الدول العربية المجاورة و قد ظل هذا الكتاب سنوات طويلة مرجعا أساسيا لكثير من الدراسات و الدارسين و الساسة , و قد تنبأ فيه إلى أهمية مطالبة الفلسطينيين بتعويضات عن الاستغلال الإسرائيلي لمياههم و مواردهم الطبيعية فور ان تسنح أية بادرة تفاوض !

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *