تبديل القبعات بين مطرقة الحديد اللاهب و الرأس البارد
بشير شريف البرغوثي
كما ذكرت في منشور سابق فإن الحكومة التركية رضخت .. لماذا؟ لأن الدور الأساسي لأردوغان خلال العقد الأول من هذا القرن كان : جلب سوريا “بالحسنى” إلى معاهدة سلام منفرد جديد مع “إسرائيل”
فشلت محادثات جس النبض .. و فشل معها من كانوا ميالين إلى هذه التسوية من الجانبين و نجا الوسيط
صار مطلوبا من أردوغان إزاحة ” العقبة السورية” بالقوة .. تمهيدا للإستفراد الصهيوني بقطاع غزة و سيناء و الإستفراد الأمريكي بلبنان و إيران
تدخل بقضه و قضيضه ولكنه فشل ..
انتهى الدور السياسي للشخص أمريكيا و إسرائيليا !
توجت امريكا و “إسرائيل” ذلك “بتجاهل” ذكر سوريا في قرار صفقة القرن .. و قلت بعدها إن الصواريخ الصهيونية على سوريا هي مجرد مجاملة لأردوغان و تأكيد لأمريكا بأن “إسرائيل” هي الحليف الموثوق فيما يتعلق بلبنان و سوريا و إيران و العراق
إذا قررت روسيا أن دور أردوغان اتتهى .. فقد تنقل التفاوض من تركيا إلى أمريكا لتدبير بديل تركي يضمن مصالح الطرفين .. امريكا لديها بدائل جاهزة من نفس حاضنة أردوغان لكن روسيا ليس لديها بديل تركي حتى الآن
هكذا تلعب روسيا في الوقت الضائع للشخص و على حسابه طبعا .. و تنتظر امريكا اللحظة المناسبة لتبديل القبعات
في غضون ذلك تواصل سوريا العمل على استكمال سيطرتها على أراضيها و قد استطاعت حتى الآن أن تضمن إلزام تركيا بالتخلي عن كثير من التنظيمات الإرهابية .. ما يساعدها على التكفل بالباقي منهم لاحقا .. بالتالي أصبح وجود أردوغان ضمن قانون الملعب الحالي مهما .. و إن تبدل فلا ضير لسوريا لأن امريكا أيضا لن تستطيع جلب رئيس جديد يحظى بإجماع داخل تركيا من أجل اتخاذ موقف أكثر تشددا تجاه سوريا و سيحتاج أي رئيس تركي جديد إلى وقت كي يمتص أي موجة غضب تركية معارضة للتدخل
لكن الولايات المتحدة قد تجد نفسها مضطرة للتدخل بأشكال أخرى .. أقل صدامية و أكثر سرعة في تحقيق أهدافها .. و طبيعي ان تكون هذه البدائل غير تقليدية إطلاقا فهي لا تحتمل رؤية تركيا مرتهنة لدى موسكو أو مطوقة بالمثلث الروسي الإيراني السوري و فاشلة في التحرك حتى في ليبيا
هل بدأ التفكير بتونس من جديد ؟.. على اعتبار أن تونس تقليديا هي شرارة البدايات دائما؟ يبدو أن عملية اليوم الإرهابية في تونس تدل على مدى الحاجة إلى إحداث تغيير كبير حتى في صفوف الحركة الإسلامية في تونس .. ربما يتم ذلك بسرعة من أجل إيجاد حاضنة ما بديلة عن ليبيا لجماعة تركيا
مع استمرار سوريا محافظة على وحدة جيشها و شعبها و بحد ما من المساعدة المالية لإعادة بناء إقتصادها فإنها تظل اللاعب القادر على التحمل و على إدارة الأزمات بحديد ملتهب و برأس بارد .. نهج يناسب المقاربة الروسية التقليدية تماما.