نتائج الانتخابات الاسرائيلية: انتصار برنامج الإبادة والاقصاء والاستيطان والابرتهايد والمواجهات الوجودية…؟!!
نواف الزرو*
انكشفت الانتخابات الاسرائيلية الاخيرة اكثر من مثيلاتها من الدورات السابقة، عن ذلك المجتمع الاسرائيلي /الصهيوني الملوث بالعنصرية حتى النخاع ضد الفلسطينيين والعرب، والذي يهيمن عليه تراث من الأدبيات و الأفكار اليمينية المتشددة المستمدة من مستنقعات المدارس الدينية المتطرفة والمستعمرات المنتشرة في أنحاء فلسطين .
كما انكشفت لنا من جهة ثانية عن اختيار الاسرائيليين لخيار الاقصاء وتعميق الاستيطان والابرتهايد للآخر العربي المتمثل ببرامج الليكود و”اسرائيل بيتنا” والاحزاب الدينية واليمينية الاخرى السياسية تجاه القضية والشعب الفلسطيني…واتجاه العلاقة مع العرب على حقيقتها ..ما يدعونا إلى القول بادئ ذي بدء بقناعة موثقة: أن لا عزاء للمتفائلين و المراهنين من العرب على حزب الجنرالات فيما يتعلق بكل قصة المفاوضات والسلام والتسوية السياسية .
فقد تراكمت الوثائق والشهادات الاسرائيلية والعربية الفلسطينية التي تتحدث عن البعد العنصري اليميني الالغائي المتشدد في المشهد الانتخابي الإسرائيلي الأخير، فالبرامج السياسية الواضحة لدى على الأقل ستة أحزاب صهيونية تنادي بحل القضية الفلسطينية على حساب الأردن عبر ترحيل المزيد والمزيد من الفلسطينيين باتجاه الشرق وإنهاء قضية الضفة والقدس بالتهويد والضم الكامل للسيادة الإسرائيلية.
كانت”شولميت الوني ” زعيمة حركة ميرتس سابقا ومن أبرز المناهضين لسياسات الاحتلال ضد الفلسطينيين اطلقت تصريحا في غاية الاهمية التوثيقية قالت فيه :”ليس فقط مارزيل –ارهابي يهودي – يدعو الى التطهير الاثني، وانما ايضا قوائم بني الون وليبرمان ليستا اقل عنصرية” مؤكدة :”أن ذلك اليوم الذي ستتحول فيه الديموقراطية الاسرائيلية الى اثنوقراطيا يهودية ليس بعيدا …”.
وفيما قالت الكاتبة الاسرائيلية “ميراف ميخائيلي ” “ان غالبية مرعبة من الاسرائيليين تتضامن مع برنامج “اسرائيل بيتنا “بان لا مكان للعرب هنا”، أكد ” المحلل المعروف في صحيفة هارتس “جدعون ليفي”:ان الانتخابات تكشف لنا أننا – اي الاسرائيليين –امام شعب واحد تشكل العنصرية قاسما مشتركا له “…؟.
يضاف الى ذلك البعد العنصري فإن الانتخابات الاسرائيلية تكون قد أوضحت لنا ايضا المشهد السياسي الاسرائيلي برمته في المرحلة القادمة .
ذلك أن البرامج السياسية لأحزابها الرئيسية– الليكود -ازرق-ابيض -شاس- يهودوت هتوراة- واسرائيل بيتنا – تجمع على مواصلة الاستيطان وتهويد القدس وبناء الجدار بغية ترسيم الحدود المستقبلية ل”اسرائيل والعمل على تهجير الفلسطينيين باتجاه الشرق وضم الضفة بالكامل الى “اسرائيل” كما ينادي الليكود وأحزاب اليمين الى جانبه.
واستتباعا يمكن التأكيد في ضوء ذلك أن الانتخابات الإسرائيلية تعتبر من جهة أولى محطة انتقالية نحو مرحلة جديدة تنتهي فيها كل حكاية المفاوضات والسلام واحتمالات التسوية السياسية …لتنقل المنطقة الى عهد جديد من “المحارق” و”الترانسفير” بل ويمكن القول الى مرحلة المواجهات الوجودية.
ان تطور الاحداث وفق هذا السيناريو لم يكن عفويا او عبارة عن ردود فعل غاضبة وإنما هي عملية وسياسة منهجية مبيتة مع سبق النوايا والتصميم، تستند الى أرضية واحدة راسخة في ادبياتهم ومعتقداتهم ومخططاتهم، حيث يعتبرون “أن فلسطين من المية للمية أرض إسرائيل”، و”أن من حقهم بالتالي الاستيطان والعيش في أي مكان يريدون في أرض إسرائيل”، والهدف الكبير الكبير المبيت من وراء مخطط وسياسات الحرب والإخضاع كان تحقيق “حلم اختفاء الآخر العربي”كما أكد الباحث الإسرائيلي ميرون بنفنستي.
على هذه الأرضية العقائدية السياسية قاد شارون ويواصله نتنياهو على مدى سنوات قيادته لدولة الاحتلال ما يمكن أن نسميه “الإبادة الشاملة للقضية الفلسطينية بكافة عناصرها وملفاتها والحقوق التي تشتمل عليها.
واستتباعاً.. فإنه يتوجب على الفلسطينيين والعرب من وجهة نظر نتنياهو ويمينه التعاطي مع هذه المعطيات الاسرائيلية باعتبارها حقيقة كبيرة ماثلة بقوة..وعليهم بالتالي التعاطي مع المفاهيم والمضامين الحقيقية للمشروع السياسي الذي اشتملت عليه بل عنرت عنه تعبيرا عميقا صفقة القرن الترامبية.
وعلى ذلك يمكننا ان نستخلص:ان الحكومة الاسرائيلية القادمة التي سيشكلها اليمين العنصري سوف تواصل العمل ببرنامج الابادة السياسية الشاملة للقضية الفلسطينية/ موظفة في ذلك صفقة القرن باعتبارها المرجعية الجديدة الوحيدة للحل.
وعليه فإن الفلسطينيين ومن معهم من العرب :
– أمام تحدٍ كبير واستراتيجي ومصيري.
– و أمام مأزق حقيقي ومتفاقم يوماً عن يوم مع استمرار عمل الاحتلال على مدار الساعة في بناء المستعمرات والجدران وتهويد القدس….
– وقبل كل ذلك أمام القرارات الإسرائيلية الابادية الحربية الحصارية التجويعية التنكيلية الأخيرة …؟!
– وأمام عروبتهم ومسؤوليتهم التاريخية والقومية والدينية والأخلاقية..