الاحتلال إذ يواصل سياسات القمع الشامل ضد الفلسطينيين حتى في ظل جائحة الكورونا ….؟!
نواف الزرو*
في فلسطين الحالة مختلفة عن باقي دول وشعوب العالم، ففي فلسطين يعاني أهلنا بالأساس من “كورونات الاحتلال”، والعالم عمليا يقف متفرجاً على هذه “الكورونات” المتفشية على نحو كارثي مزمن، وما سياسات التمييز العنصري الصهيونية الشاملة سوى احدى تجلياتها، والاحتلال الإسرائيلي في زمن «الكورونا» يضاعف الاعباء والاثقال والتداعيات على الشعب الفلسطيني، فالحكاية هناك أصبحت “كورونات” تحتاج إلى جهود وإمكانات وطاقات هائلة لتزيلها عن كاهل أهل البلاد، والاحتلال بطبيعة الحال لا يكترث أبدا بهؤلاء البشر حتى لو تعرضوا الى جائحة الكورونا الفتاكة، وحتى لو تعرضوا إلى هجوم كاروني واسع النطاق ومرعب ويهدد بالابادة الجماعية، بل يمكن القول ان الاحتلال قد يعزز ذلك ويوفر المناخات لذلك، فالهدف الكبير الأساسي على أجندته هو”الاقتلاع الشامل لأهل البلاد من جذورهم…وانهاء حضورهم العربي في فلسطين..!.
يزعم الجنرال الإسرائيلي ميخال ميلشتاين في معاريف 2029-3-19 “إنّ أزمة الكورونا قد تشكل فرصة تاريخية لترميم العلاقات بين “إسرائيل” والفلسطينيين، وهذا التحدي العالمي من الوباء قد يوفر إمكانية لاستئناف الاتصالات بين الجانبين، بحيث أن “إسرائيل” قد تقدم على مساعدة الفلسطينيين لمواجهة أزمة انتشار كورونا في المناطق الفلسطينية، من أجل تخفيف حدة التوتر مع السلطة الفلسطينية، وتشكيل ضغط مشترك على حماس في غزة للحفاظ على الهدوء الأمنيّ”، وفي ذلك يربط الاحتلال هذه الفرصة المزعومة بالأمن الاسرائيلي على حساب قمع الفلسطيني.
ولكن….!
عمليا في الميدان تختلف ممارسات الاحتلال جذريا عن المفترض لدى الجنرال ميلشتاين، فالامن الاسرائيلي أيضا في ظل الكورونا هو القمع والارهاب بكل اشكاله وهذا عليه اجماع سياسي وامني اسرائيلي، فهناك على سبيل المثال أوبئة احتلالية مزمنة لا يتنازل عنها الاحتلال مثل: وباء الاستيطان والتهويد المتفشي والمتعمق باستمرار، وهناك وباء الاغتيالات والقتل المتحرك، وهناك وباء الاعتقالات والمحاكمات الجماعية، وهناك وباء هدم البيوت الفلسطينية، وهناك وباء الاجتياحات والاقتحامات والحواجز الثابتة والمتحركة، ولعل اهم واخطر وباء احتلالي هو ذلك المتعلق بسياسات التدمير المنهجي لمقومات الاقتصاد والصمود والبقاء…وغير ذلك الكثير.
وفي نهج قمع الفلسطينيين ايضا هناك اجماع سياسي وامني وحزبي وايديولوجي اسرائيلي، وهنا يوثق الكاتب الاسرائيلي المناهض لسياسات الاحتلال كوبي نيف-هآرتس» 2020-3-6-قائلا:”ان المشكلة الرئيسية الحيوية والحاسمة لوجود اسرائيل هو استمرار قمع الشعب الفلسطيني من قبل دولة اسرائيل”، ويؤكد:”أن استمرار قمع الشعب الفلسطيني، بطرق اكثر وحشية أو أقل، هو في الحقيقة البرنامج الموحد لكل الأحزاب الصهيونية، وهذا تحت كل أنواع الشعارات – «فصل»، «انفصال»، «القدس الموحدة»، «دولتان»، «كتل الاستيطان»، “استمرار اللكمات”، كل هذا الهراء له معنى واحد؛ استمرار قمع الشعب الفلسطيني “على الأقل في المئة عام القادمة”، بينما تربط الكاتبة “نوعا لنداو”-هآرتس 18/3/2020 – بين الكورونا وشعار “الهدوء في المناطق” وتقول:”إنهم-أي الاحتلال- يطهّرون… هكذا يجرب الإسرائيليون حياة الفلسطينيين… تحت رعاية-ذريعة- “الأمن”…؟! ، ويبدو أن هذه هي الخلاصة المكثفة المفيدة للمشهد الفلسطيني الراهن في ظل وباء الكورونا العالمي، فنحن أمام كورونات خاصة بنا هي الكورونات الصهيونية العنصرية الارهابية المزمنة.
وبالمقابل، فلسطينيا، تتوجه الأنظار الفلسطينية باندهاش لهذا الفزع العالمي من الكورونا، ولسان حالهم في غزة هذه الأيام يستهزىء بالعالم قائلا:”عزيزي العالم، ما رأيك في العزل؟” وهذه واحدة من طوفان من الرسائل على وسائل التواصل الاجتماعي طفت على السطح من قطاع غزة المحاصر في أعقاب وباء فيروس كورونا. ويبدو أن مشاهد العزل التي تتكرر في مختلف أنحاء العالم أطلقت العنان للمشاعر في غزة من تعليقات سياسية متهكمة إلى الشماتة من جانب الفلسطينيين الذين يعيشون في هذا الشريط الساحلي الصغير منذ سنوات في عزلة مفروضة عليهم تحت الحصار. فقال تعليق نشر على وسائل التواصل الاجتماعي “هل مللتم من حجركم وإغلاق معابركم ومطاراتكم وحركة تجارتكم، نحن في غزة على هذه الحال منذ أكثر من 14 عاما”، وأضاف التعليق “أيها العالم مرحبا بكم في واقعنا الدائم”.
والحقيقة أن هذا الواقع إن كان قائما في غزة منذ اربعة عشر عاما، فانه يخيم على المشهد الفلسطيني برمته منذ أكثر من اثنين وسبعين عاما: حجر و حصارات و إغلاقات و حواجز و اعتقالات ومحاكمات و اغتيالات ومجازر مفتوحة لا تتوقف على مدار الساعة..!
ولذلك يقتضي السؤال المزمن أيضا: الى متى يبقى الاحتلال جاثما على صدر الفلسطينيين…؟!
إلى متى تستمر كورونات الاحتلال في التفشي الفتاك في الجسم الفلسطيني…؟
لماذا لا يهرع العالم معلنا حالة الاستنفار لعلاج ملف”كورونات الاحتلال الصهيوني” بكامله، كما يستنفر لمواجهة هذا الوباء-العالمي….؟!
في هذا المرض يستنفر العالم “انسانيا” و يعلن حالة الطوارئ الشاملة ويوظف كافة امكاناته الطبية العلمية المالية لاحتواء الفيروس، بينما لا يتحرك ضمير العالم في مواجهة كورونات الاحتلال الصهيوني التي تفتك بفلسطين شعبا و تاريخا و حضارة و وجودا…..؟!
اسئلة كبيرة انسانية واخلاقية وضميرية وقانونية على اجندة العرب والعالم….!