أقلام مهجرية

رحلت عني بجسدك و طيفك باقي

في الذكرى السادسة لرحيل أبي

المغفور له بإذن الله

الحاج محي الدين البرغوثي (أبو هاني)

 

هاني البرغوثي
هاني البرغوثي

هاني البرغوثي

 

بحروف اللغة العربية،من الفها و بائها الى يائها تكونت كلمة (أبي)، ستة أعوام مضت على رحيلك لنا،بوجودك كنت ترفض للحزن أن يتسلل لقلوبنا،خطب رحيلك كان صدمة،و تسرب الحزن لقلوبنا الباكية الدامية،ستة أعوام (24 آذارمن عام 2014)مضت رغما عنا،و حاضرنا لم يستطع أن يغير شيئا،و مستقبل مجهول يقف على عتبات ابواب الحياة،لكني يا أبي ما زلت على عهدي لك،علمتنا الوفاء،و وهبت شقيقتي الصغرى اسم وفاء،فكانت أول من شدت الرحال و التحقت بك،كانت تحمل رحمها الله في قلبها الحنان،و ها هي قد التحقت بك،ربما لتخبرك عن أحوالنا.

مع كل إشراقة يوم جديد مشهد رحيلك حزن يتكرر، و في عزائك كنت أسمع أن صدمة الموت للأحياء تولد كبيرة بوقعها،ثم يتكفل الزمن لأن يحولها الى ذكريات،قد تكون عابرة،لكن وحشة فراقك تولد في نفسي ،و في باطن اخوتي حرقة ألم لا تنطفئ نيرانها.

مع رحيلك يا أبي رحلت نصف الحياة، و لم يبقى إلا القليل من مذاق السعادة،من لم يتجرع مرارة كأس الفراق،الذي تجرعناه لن يشعر بكلماتي،و لن ينبض قلبه نبض الحسرة و الألم كما ينبض قلبي،حينما أتذكر يوم رحيلك،ساعتها دنوت منك بعد أن رجعت نفسك المطمئنة الى ربك راضية مرضية،خاطبت روحي روحك الطاهرة:هل هنا يترك الأب ابنه،و الخليل خليله؟أهي آخر لمحة بصر لبصري يراك فيها؟،حينها أحسست أن الدرب شاق و طويل،و أن نصحك لي قد انتهى،و لن أجد نصوحا لي كما كنت توصيني.

كل يوم يبزغ نوره،هو يوم أعيشه مع مرارة فراق تعتصرني،ليس لي بها حول أو قوة،سوى الدعاء لك و لكل من هم في باطن الأرض،من أهل و أحبة و أصدقاء و شهداء،مرارة لا يشعر بها أحد سواي،كلما استرسلت بقراءة كتاب ،أو مقال،تذكرت انك من هديتني لسبيل القراءة و الكتابة،كلما عصفت بي عاصفة،لا أجد ملاذا منها،كما كنت أنت ملاذنا و اخوتي.

كل المفردات لن تصف مزاياك و طيبة خصالك،يتحدث بها عنك الغرباء،قبل الأقرباء،لم تحدثني كثيراعن حياتك،لكن من عاشروك حدثوني و سردوا لي خصائل خُلُقك و تسامحك،يعددون لنا مناقبك و كنت لهم الأخ و الصديق.

في ذكرى فراقك السادسة يا أبي لست أملك سوى الترحم عليك، والدعاء لك بالمغفرة و الرحمة الواسعة،و أن يجمعنا الله بك في الفردوس الأعلى من جنانه،هذه الكلمة ليست مقالا،بل متنفسا صغيرا، يروي تفاصيل كبيرة بداخلي،لكن هناك تختبئ تفاصيل كثيرة بأعماقي،لا تستطيع لغة الضاد وصفها.

ربما يعتقد البعض أن الوقت و الزمان قد يستطيعان أن يلهماني النسيان،لكن هناك أشياء أكبر من أن تنسى،أو تتكفل رياح النسيان بأن تجعلها ترحل عني، فالآلام و الأوجاع لا يمكن للمرء أن يختصرها بكلمة أو سطر أو مجلد.

رحلت عني بجسدك و طيفك باقي

علمتني الحب للبشر

و أن لا أنسى أوطاني

أخذك عنا القدر

و زُرع في القلب القهر

واريناك أحضان القبر

وشاركتنا انامل البشر

بأن نواريك التراب

و يدعون لنا بالصبر

تركناك في مسكنك

و عدنا بلا

أ / ب / ي

في نهاية كلماتي هذه ليس لي يا أبي غير الترحم عليك، و أن يجزل الله لك الثواب، و يتغمدك بواسع رحمنه عند مليك مقتدر،و أن يديم على والدتي رداء الصحة و العافية،و يحفظ اخوتي من كل مكروه و سوء. و إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ

هاني البرغوثي

كاتب فلسطيني ، مدير و محرر موقع نبض الوعي العربي‏ ... فلسطيني الهوية،عربي القومية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *