في يوم الطفل الفلسطيني: جرائم الاحتلال تدق على جدران الصمت العربي والعالمي
نواف الزرو *
بمناسبة يوم الطفل الفلسطيني الذي يصادف في الخامس من نيسان من كل عام، نستحضر ملف “أطفال فلسطين تحت الاحتلال”، لنذكر بأن الاوضاع الماساوية لاطفال فلسطين تدق على جدران الصمت العربي والدولي الرهيب إزاء الجرائم التي تقترفها المستعمرة الصهيونية-الاحتلال- بحقهم على مدار الساعة بلا توقف.. ؟
فعلى مدار سنوات الاحتلال و الانتفاضتين – الاولى 1987-1993 والثانية منذ سبتمبر 2000 وحتى اليوم – على نحو خاص لم تتورع قوات الاحتلال عن استهداف الأطفال الفلسطينيين وقتلهم أو التسبب بإصابات وعاهات دائمة لهم ، فكانت حصيلة سياسة القتل الاحتلالية لأطفالنا حسب أحدث التقارير الفلسطينية أن بلغت نسبة الشهداء والجرحى من الأطفال خلال الانتفاضة الأولى 87-93 نحو 34%من مجموع الشهداء والجرحى.
وحسب أحدث التقارير المتعلقة بالانتفاضة الثانية فقد بلغ عدد الشهداء من الأطفال الفلسطينيين الذين سقطوا برصاص جنود ومستعمري الاحتلال الصهيوني نحو 800 شهيد فيما وصل عدد الجرحى إلى نحو خمسة عشر ألف جريح ، اي إن نسبة الأطفال الذين أصيبوا بجراح خلال الانتفاضة الثانية / 2000 حوالي 35.4% من مجموع الإصابات ، بينما لا تقل نسبة الشهداء عن نسبة الجرحى .
” ملاك فقير على قاب قوسين من بندقية صيادة البارد الدم ” ، هكذا كثف محمود درويش أوضاع ومعاناة أطفال فلسطين المأساوية / الكارثية تحت الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية وقطاع غزة منذ احتلالهما عام 1967 حتى يومنا هذا .. تلك الأوضاع والمعاناة التي تشمل اليوم ” نحو مليون ونصف طفل فلسطيني في تلك المناطق”.
” إنهم أطفال مثل كل أطفال العالم – هكذا يفترض – لا يحلمون بأكثر من العودة إلى منازلهم كي يجدوها في أماكنها ، ويجدوا كتبهم وكراسات دروسهم على حالها كي يستعدوا لبدء يوم جديد في مدرسة ليس بها أكثر من سبورة ومقعد للدراسة بجوار أصدقاء صغار يحلمون معهم بمستقبل هادئ ، ويلعبون سوياً لعبة عسكر وحرامية “.
لكن ، أين الطفل الفلسطيني من تلك الأحلام الإنسانية المشروعة لكل أطفال البشرية ..؟ !
- وأين حقه في الحياة الطبيعية ..؟ !
- … في حرية الحركة والتنقل ..؟ !
- … وفي حرية الدراسة والتعليم …؟!
- … وفي حرية الحصول على الصحة السليمة ..؟ !
- … وفي حرية اللعب والفرح كبقية أطفال العالم ..؟ !
الوقائع والمعطيات المتعلقة بأطفالنا هناك على أرض فلسطين تبين ببالغ الوضوح أن حالة أطفالنا باتت مختلفة وخاصة ومتميزة وليس لها مثيل على امتداد كرة العالم .
ذلك أن دولة الاحتلال التي تشن حرباً عنصرية تطهيرية تدميرية شاملة منهجية مفتوحة لا هوادة فيها ضد الشعب العربي الفلسطيني تنتهج سياسة مرسومة مخططة مبيتة مؤدلجة مع شديد الإصرار ، تستهدف أولاً وفي المقدمة النيل من الطفل الفلسطيني جسدياً وروحياً .
ولذلك ، حرصت تلك الدولة كل الحرص على تحويل حياة الطفل الفلسطيني إلى جحيم دائم .. وحرصت على تصفيته جسدياً، والأخطر من ذلك على قتل أحلامه وطموحاته في الحياة والحرية والاستقلال ، فأخذت قواتها المدججة بكل أنواع الأسلحة تطارد أطفال فلسطين حتى قبل أن يذوقوا طعم حليب أمهاتهم، وأخذت المطاردة المستمرة تمتد من الطفل الرضيع إلى أطفال التأسيسية والإعدادية والثانوية لتطال الجميع بلا استثناء وبلا رحمة ..
و لتتحول حياة الطفل الفلسطيني إلى موت يومي .. وإلى يوميات مليئة بشتى أشكال الألم والعذاب والمعاناة المستمرة .. و لتغدو قصة الطفل الفلسطيني ” قصة موت يومي ومعاناة مفتوحة بلا سقف وبلا حدود ” ، ولكن أيضاً ليسطر الطفل الفلسطيني عبر ذلك كله أعظم ” ملحمة بطولية صمودية نضالية أسطورية عزّ نظيرها في هذا الزمن القاسي والظالم لدى شعوب العالم كله”.
فحصاد الدم والألم والعذاب – في حياة وسيرة أطفال فلسطين – كبير واسع متصل ومتضخم يوماً عن يوم ..
فإن كان رصاص الغدر الاحتلالي قد خطف روح عبد السلام اومحمود او فارس وهو يلعب أمام بيته وعلى مرأى من أهله، فقد كان رصاصهم قد اختطف أرواح قوافل من أطفال فلسطين ابتداءً من محمد الدرة .. مروراً بإيمان حجو وشيماء المصري و أيمن فارس و ايمن زعرب وعلي أبو عودة .. وصولاً إلى أطفال حي الدرج التسعة الذين اختلطت دماؤهم بطعام العشاء بعد أن حول القصف الصاروخي الاحتلالي بيوتهم إلى أكوام من الركام .
كما أن من لم يقتل من أطفال فلسطين، برصاص وقذائف جيش الاحتلال اصيب بعاهات أو بجروح مختلفة ، أو بصدمة نفسية، وحسب التقارير الفلسطينية، فقد بات هاجس الخوف والقلق يطارد أطفال فلسطين في كل مكان بسبب استهدافهم من قبل جيش الاحتلال، مما دفعهم إلى اللعب داخل بيوتهم حفظاً لأرواحهم، غير أن صواريخ ورصاص الاحتلال لم تتركهم آمنين ولو كانوا في أحضان أمهاتهم .
- فلماذا يستهدفون أطفال فلسطين .. ؟!
- لماذا يطاردونهم ويصطادونهم ويعتقلونهم ..؟!
- ولماذا يقتلونهم بدم بارد هكذا دون أن يرف لهم جفن … ؟!
- ما هي الخلفيات والمفاهيم والدوافع الصهيونية التي تقف وراء سياسة القتل المكثف والإعدامات – بالجملة والمفرّق – التي تقترف ضد أطفال فلسطين ..؟!
- لماذا يهدمون المدارس والبيوت على رؤوسهم ..؟!
- ما شأن أطفال فلسطين بالموت الصهيوني بأبشع صوره …؟!
- لماذا يقتلون أحلامهم في الحياة والدراسة والمستقبل …؟!
- لماذا يلحقون الأذى بالصحة النفسية لمئات الآلاف من أطفال فلسطين ..؟!
- لماذا تتحول حياة أطفال فلسطين إلى جحيم وألم ومعاناة ومأساة يومية …؟!
تسعى سلطات الاحتلال عبر سياسة القتل المكثف لأطفال فلسطين إلى تحويل الأجيال الجديدة من الفلسطينيين إلى أجيال داجنة يسهل السيطرة عليها بزرع الخوف والرعب فيها، فحولت حياتهم إلى جحيم يومي، مما يذكرنا بتصريحات أحد جنرالاتهم خلال الانتفاضة الأولى 1987 الذي دعا إلى” زرع الخوف والجبن في نفوس الأطفال الفلسطينيين حتى تقتل روح المقاومة في الأجيال القادمة”..؟!
فهل بعد هذا القتل المكثف والمبرمج لأطفال فلسطين من إرهاب ..؟!
من يسائل ..؟! ومن يحاسب ..؟!
ومن يحاكم مجرمي الحرب من جنرالات وجنود الاحتلال على جرائمهم ..؟! ومتى ..؟!
أعان الله أطفال فلسطين وأهل فلسطين ،وقتل الله الظالمين