مسلسل “أم هارون”…جريمة تاريخية بحق فلسطين وشعبها
الكويت تقاطع، الإمارات تدعم ودول خليجية أخرى تتبنى وتروج!!
متابعة: محمود سعيد كعوش
مع عرض أول حلقة من المسلسل الخليجي “أم هارون” على فضائية “أم بي سي” التليفزيونية التي يملكها سعوديون يتبنون سياسات حكومة دولتهم الخاصة بالشؤون العربية والإقليمية والدولية، رصد نقاد صحفيون ونشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي مهتمون بالدراما العربية، وبالأخص المسلسلات الرمضانية، وحريصون على الذاكرة العربية بشكل عام والفلسطينية بشكل خاص، خطأً تاريخياً فادحاً في أحد مقاطعها، أثار ضجة كبيرة واستنكاراً سياسياً وصحفياً واسعاً على الصعيد الفلسطيني، بمستوييه الرسمي والشعبي.
وتضمن المقطع المقصود مغالطة حول قيام ما يسمى زوراً وبهتاناً دولة “إسرائيل”، وإعلان الانتداب البريطاني قيام هذه الدولة المسخ على “أرض إسرائيل” وليس على أرض فلسطين!!!!
وأظهر المقطع الذي رفع من وتيرة اللغط المُثار حول المسلسل، تناقضاً واضحاً بين ما تضمنه المسلسل من خطأ تاريخي إذ ادعى أن “إسرائيل قامت على أرض إسرائيلية” فيما سبق للانتداب البريطاني أن أعلن في أيار/مايو عام 1948 عن قيام “إسرائيل” على أرض “فلسطين العربية” ولم يكن وقتها هناك كيان يدعى”إسرائيل” أقيم على أرض فلسطينية عربية سليبة!!
ورافق عرض المسلسل من لحظته الأولى جدل حاد ومتواصل على وسائل الإعلام وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، ترافق مع اتهامات له بالترويج للتطبيع مع العدو “الإسرائيلي، ورفض قاطع له جملة وتفصيلا.
يُشار في هذا الصدد إلى أن مسلسل “أم هارون”، الذي قاطعته الكويت ومنعت عرضه ومولته ودعمته دولة الإمارات وتبنته و روجت له دول خليجية أخرى، هو مسلسل درامي خليجي من بطولة الفنانة الكويتية المعروفة حياة الفهد ونخبة الممثلين الخليجيين البارزين، وبدأ عرضه مع بداية شهر رمضان المبارك الجاري. وبحسب قول منتجي المسلسل الإماراتيين ومخرجه المصري فإن المسلسل يصور العلاقات بين المسلمين والمسيحيين والجالية اليهودية في الكويت في الأربعينات، والظلم والتمييز الذي عاناه المجتمع اليهودي خلال ذروة الحركة الصهيونية والنكبة، والعنصرية والتمييز المنهجي الذي واجهوه في “إسرائيل” بعد طردهم من وطنهم.
وتدور أحداث المسلسل حول سيدة يهودية من الكويت تدعى “أم هارون – حياة الفهد في المسلسل” تعاني من مشاكل عديدة بسبب ديانتها اليهودية.
ولم يكن مفاجئاً دفاع المتحدث باسم جيش الحرب “الإسرائيلي” أفيخاي أدرعي عن المسلسل وبطلته “حياة الفهد” إذ قال، “إنها كانت تواجه اتهامات من قبل منظري المؤامرة الذين يفضلون البرامج التلفزيونية العنصرية التي تروج للأكاذيب المعادية للسامية، ويعتبرون كلمة التطبيع إهانة”.
القيادي في حركة “حماس” باسم نعيم رئيس حملة المقاطعة الفلسطينية، نفى أن يكون مسلسل “أم هارون” فنًا تطبيعيًا، بل “هو جريمة تاريخية نكراء، وغسيل أفكار وقيم يحاول الإسرائيليون تمريرها منذ عقود”.
واعتبر نعيم المسلسل “عدوانا ثقافيا”، داعيا إلى “ملاحقة ومحاسبة من أنتج، ومن أخرج، و من عرض ومن مثل في المسلسل”.
و أبدى أحمد دراوشة من جريدة “عرب 48″، التي تتصدر بالعربية في الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1948، تحفظاً واضحاً تجاه إخراج المخرج المصري محمد العدل للمسلسل، حيث وصف بعض أعماله بالمنحازة لآراء وسياسات الحكومة المصرية، وكذلك من الدعم والتمويل الإماراتي لهذا العمل الذي مثل بروباجندا للتطبيع مع الكيان “الإسرائيلي”، وكذلك حذر من محاولة سرد القصة “الإسرائيلية” التي تخالف الواقع وترسم “إسرائيل” بشكل الدولة التي خلصت يهود العرب من التمييز والعداوة المنتشرة في الدول العربية لحين هجرتهم في عام 1948، وهي عداوة ساهمت “إسرائيل” في صناعتها لإقناع اليهود الرافضين للصهيونية بالهجرة إلى الأراضي المحتلة، ماحية العنصرية التي مارستها كل من الدولة الصهيونية وسكانها من يهود أوروبا.
واستفز مسلسل “أم هارون” الأخ مراد السوداني، أمين عام اللجنة الوطنية الفلسطينية للتربية والثقافة والعلوم وأمين عام الاتحاد العام للكتاب والأدباء الفلسطينيين، فكتب التالي على موقعه في الفيس بوك:
“التطبيع خيانة …فاحذروه
مسلسل (مخرج7) وسقوط ناصر القصبي والوقوع في مصيدة المقولة الاحتلالية التي اخترقت من خلالها جدار الوعي العربي بإثارة الفتنة والنعرات والتفرقة عبر ذباب الاحتلال الإلكتروني.
وصل الحد أن يصبح الفلسطيني عدوا وليس الاحتلال؟!
قام الاحتلال بترجمة المقطع أدناه للعبرية للتعريف بحجم الاختراق للوعي الجمعي العربي وتوظيف الخطاب الدرامي ل”استدخال”واستزراع اللغة الملغومة وحرف البوصلة عن العدو الصهيوني.
الصمت من قبل النخب الفلسطينية والعربية مشاركة في الجريمة وتواطؤ معها.
ناصر القصبي ومن شايعه سقطوا في اللحظة والتردي الكابي فأصبحوا مسفلتين تدوسهم شاحنات المذلة والهوان.
فلسطين ما زالت تتفصَّد الحزن والقتل اليومي والعذابات والسجون منذ ما يزيد على مائة وعشرين عاما. هكذا بجرة قلم تخرج الأصوات النشاز لتمسح الدم عن يد القتلة والغزاة.
فلسطين ليست عقارا يؤجر إنها الأرض السماء واحتلالها هو احتلال لكل عواصم العرب.
قاطعوا تصحُّ بوصلة الوعي.
وتساءل عبد الرحمن شهاب في “فلسطين اليوم” الناطقة باسم الجهاد الإسلامي: “إذا كانت حياة الفهد” قادرة على الحديث عن مظلومية الجاليات، فهل يا ترى قارنت بين حياة هذه الجاليات في الأقطار العربية وبين حياتهم الآن في دولة الاغتصاب!! يهود الكويت – الذين هم من يهود العراق – وصلوا إلى إسرائيل طلاب جامعات ومثقفين، حياتهم وعلاقتهم الجيدة بالمسلمين في الدول العربية ما زالوا يدفعون ثمنها، فما زال المجتمع الإسرائيلي يشك في يهوديتهم، الأمر الذي يدفعهم ليكونوا أكثر تطرفاً لإثبات هويتهم، فهل رأت المعاناة التي يعانيها هؤلاء اليهود الآن في إسرائيل؟”.
وواصل شهاب موضحاً “أما عن نبذهم في الدول العربية ومحاولة الاحتلال لتزوير التاريخ الذي وقع فيه المسلسل و يتلقفه العرب بأفواههم دون عقل، فإن أهم ما يوضح هذه القضية هي – قضية العار – في مصر و – تفجيرات المغرب العربي – قضية العار هي – الموساد – مع اليهود في مصر، وقد سميت في الملفات الإسرائيلية بهذا الاسم كي لا تذكر تفاصيلها: قيام – الموساد – بتفجيرات في عام 1954, ضد مصالح بريطانية من أجل ربطها بالمصريين، والهدف عرقلة الانسحاب البريطاني من مصر، تم كشف مجموعة العملاء التي ضمت 13 يهودياً مصرياً استغلهم جهاز – الموساد -.
ولربما أن أبلغ ما يمكن أن أختم به كلامي الأولي عن مسلسل “أم هارون” هو أن أتساءل بدوري وأسأل الفنانة الكويتية القديرة “حياة الفهد”، التي كنت أجد فيها نسخة خليجية عن الراحلة الكبيرة أمينة رزق، عما إذا كانت دعوتها لطرد الأجانب من دولة الكويت التي أطلقتها عندما تناهى لسمعها انتشار وباء “كورونا” قد تضمنت طرد اليهود المتواجدين في دولة الكويت أيضاً، أم أن بوصلة رسالتها الفنية قد انحرفت 180 درجة، وتحولت عن مسارها الوطني والقومي لتتوه في سياقات أخرى مختلفة تماماً ولا علاقة لها بالوطن العربي والأمة العربية والعروبة والعرب و”العربان”، و”الأعراب” الذين ذكرهم الله تعالى في القرآن الكريم بقوله أنهم “أشد كفراً ونفاقاً”!!!!
وللحديث بقية أتابعها إن اقتضت الضرورة ذلك!!