“أم هارون” كمان وكمان!!
محمود سعيد كعوش
لا شك أن ردات الفعل الشعبية والرسمية الكويتية على مسلسل “أم هارون” الذي تقوم بدور البطولة فيه الممثلة الكويتية حياة الفهد كانت على قدر عالٍ جداً من المسؤولية، الأمر الذي دلل على أن محاولة زج الكويت مجدداً في “آتون” التطبيع الخليجي، الجاري مع العدو الصهيوني على “قدم وساق” منذ زمن بعيد، من خلال هذا المسلسل، قد منيت بالفشل الذريع كما فشلت كل المحاولات التي سبقتها على هذا الصعيد.
أضف إلى ذلك أن هذا العمل الدرامي الرمضاني هو من إنتاج قناة “أم بي سي” التي يملكها سعوديون وتتبنى سياسة السعودية الداخلية والخارجية ومن إنتاج إماراتي ومن إخراج مصري، وفوق ذلك فقد تم تصويره من ألفه إلى يائه في الإمارات، مما يعني أن لا علاقة للكويت بهذا العمل لا من قريب ولا من بعيد، سوى أن بعض الممثلين الكويتيين وعلى رأسهم حياة الفهد “أم هارون” كانوا من عداد الممثلين الذين شاركوا فيه!!
وبغض النظر عما إذا كانت حياة الفهد والممثلون الكويتيون الآخرون الذين شاركوا في المسلسل قد فعلوا ذلك عن حسن نية أو سوء نية أو “لغاية في نفس يعقوب” أو أن ثمة من “استغفلهم” وغرر بهم واستغل “بساطتهم” و”سطحيتهم” في دهاليز السياسة، فإن الهدف الرئيسي من وراء إنجاز هذا العمل الدرامي الخليجي كان أولاً وأخيراً توريط الكويت وإحراجها والزج بها في مستنقع التطبيع الذي تلوث به النظامان السعودي والإماراتي وبعض أنظمة بلدان الخليج الأخرى التي وافقت على عرضه في فضائياتها ومحطات تلفزتها الأرضية من “قمة الرأس إلى أخمص القدمين”، لأن الموقف المشرف للكويت والمميز بين دول “مجلس التعاون الخليجي” المتهاوي والمتهالك من القضايا الوطنية والقومية العربية وخاصة القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني أصبح يشكل حرجاً وإزعاجاً واضحين لبقية بلدان هذا المجلس في ما يختص بعلاقاته الدولية، وعلى وجه الخصوص علاقاته مع الولايات المتحدة الأمريكية وقاعدتها الشرق أوسطية المتمثلة بالكيان الصهيوني ومخططاتهما الخاصة بمنطقة الشرق الأوسط، وفي مقدمها الوطن العربي طبعاً.
ولطالما تعرضت الكويت لنقد من شركائها في “مجلس التعاون الخليجي” كان في أحيان كثيرة حاداً وقاسياً، بسبب عدم التزامها بالموقف الموحد للمجلس في العديد من القضايا العربية والإقليمية، خاصة ما تعلق منها بمسألة التطبيع مع العدو الصهيوني والعلاقات مع كل من قطر وإيران وغيرهما.
صحيح أن “هناك حثالات وسفلة ومنحطون وأنذال وضعاف نفوس متصهينون أو “متجلببون” بجلباب صهيوني في الكويت وغيرها من بلدان “مجلس التعاون الخليجي” هم بالطبع من نتاج وإفرازات عملية تصهين رسمية طفت على السطح وانتشرت وللأسف في كل الوطن العربي، لكنهم لا يشكلون ظاهرة لا في الكويت ولا في أي بلد عربي آخر.
وصحيح أيضاً أن القراءة الأولية لمسلسل “أم هارون” أثار غضب الفلسطينيين والوطنيين والقوميين العرب بصورة عامة، إلا أن الموقف الشعبي والرسمي للكويت من هذا العمل الخليجي “التطبيعي” خفف كثيراً من حدة ذلك الغضب وربما أنه زاد من حب الفلسطينيين والعرب للكويت والكويتيين الذين أكدوا من جديد رفضهم القاطع ليس للتطبيع فحسب بل لفكرة التطبيع مع العدو الصهيوني كفكرة لا كممارسة فحسب، كما أكدوا التزامهم الذي لا تهزه رياح العالم بالقضية الفلسطينية، باعتبارها قضيتهم العربية المركزية التي لا يحيدون عنها.
أما الممثلة الكبيرة حياة الفهد التي كنا نعتبرها حتى ما قبل عرض مسلسل “أم هارون” سيدة الشاشة الخليجية بامتياز وأمينة رزق الخليج العربي فقد سقطت سقوطاً ذريعاً من عيون الفلسطينيين وكل الوطنيين والقوميين العرب وخرجت من قلوبهم إلى الأبد.
وتبقى محاسبتها هي والممثلين الكويتيين الآخرين، الذين شاركوا في هذا العمل الدرامي عن حسن نية أو سوء نية أو لغاية “في نفس يعقوب”، مسؤولية السلطات الكويتية التي نحترم ونقدر.
أطيب تحياتي……