هموم مسرحية .. لينين الرملة – نضحك ولا نموت
الأديب الساخر من الواقع الاجتماعي والسياسي
أديب جهشان
ولد لينين الرملي في القاهرة سنة 1945 من القرن الماضي وكان أن اسماه والده باسم لينين متأثرا بالزعيم السوفياتي الشهير. جاء لينين الى الحياة ليقدم أعمالا فنية وادبية و نقدا اجتماعيا وسياسيا بفائض من السخرية السوداء ,إضافة لانتاجات خلال سنين تميزت باثراء للمسرح المصري والعربي بكتابات مسرحية فياضة. منها : أنت حر , الهمجي , تخاريف , وجهة نظر , زكي في الوزارة , سعدون المجنون , الاقنعه , الحادثة وغيرها من الاعمال الرائدة للمسرح والسينما المصرية, وقد شارك باعماله المسرحية والسينمائية كبار الممثلين, ناديا لطفي,محمد صبحي, فؤاد المهندس وآخرون من النجوم المصريين .وملخص حياة لينين الرملي كما جاء على لسانه : الحياة فرح والم .وقد نعى العالم لينين الرملي الكاتب المسرحي والسيناريست الكوميدي يوم 2020/2/7 راحلا عن العالم بعمر 74 عاما بعد صراع طويل مع المرض .
بداية عمله الفني كانت بمشاركة الفنان الكوميدي محمد صبحي في “ستوديو الممثل” إذ كونا معا ثنائيا فنيا أنتج العديد من المسرحيات التي كتبها لينين الرملي .وقد كتب اضافة لذلك عشرات المسرحيات الكوميدية التي قدمها نجوم الفن مثل عادل إمام , فؤاد المهندس ,سمير غانم وغيرهم .كل هذه الأعمال كانت انعكاسا لمقولته الشهيرة ” الحياة فرح وألم ” وقد عقب الكثيرون على هذه المقولة ولعل أشهر تعقيب كان ” اضحك لما تموت ” .
أعمال لينين بالتالي جمعت ما بين الكوميديا والتراجيديا , والمزج ما بين الكتابة الضاحكة والنقد والسخرية من الواقع الصعب والشخصيات المتعجرفة في المجتمع العربي . وقد اعتاد لينين على تحويل الهموم الى كوميديا مضحكة, والوجع الى ابتسامة تنتقد الواقع وتسخر منه وقد تجلى ذلك بشكل خاص في مسرحية “الحادثة ” كذلك تناول مواضيع الفساد في المؤسسات الحكومية والنفاق بين رجال السلطة بالأسلوب ذاته .
قبل ان اتعرف على لينين الرملي بشكل شخصي ,عرفته من خلال أعماله الفنية الملتزمة والإنسانية , الضاحكة و الباكية , الناقدة والساخرة . وهنا تعرفت على كاتب مسرحي بمستوى عالمي له من الإنتاج الأدبي ما يجعله بصفوف الادباء العالميين امثال تنسي ويليامز , ادوار ألبيي , آرثر ميلر وغيرهم من كتاب المسرح العالمي .
لقد شدني اسلوبه في طرح الحكاية الإنسانية وأوجاع الناس باسلوب الكوميديا السوداء الساخرة , ليتعامل مع شخصياته المسرحية كما أنها حقيقية واقعية في وجودها الإنساني والفكري . هذا الطرح ليس سهلا بتاتا اذ ان بناء الدراما عملية مهمة جدا ومعقدة فعلى الكاتب أن يفهم ويحبك العلاقة ما بين الشخصيات والتسلسل الدرامي دون المزايدة والعويل بل عليه أن يغور الى اعماق الشخصية المسرحية وخاصة النفسية في الأعمال المسرحية .
قبل ما يقارب العشر سنوات سافر ثلاثة أعضاء من مسرح السرايا في يافا الى القاهرة للقاء هذا الكاتب الكبير و لبحث امكانية التعاون على عرض مسرحياته على خشبة مسرح السرايا . لقد تعرفنا على انسان عظيم, مثقف , عالم بأكمله من المعرفة بالنواحي السياسية والادبية العربية والعالمية واهم من ذلك كله تعرفنا على تواضعه الملفت للنظر ومحبته لوطنه مصر وشعب مصر وشعب فلسطين .
لقد دعانا في أول ليلة لمشاهدة مسرحية ” زكي في الوزارة ” على خشبة المسرح القومي .بطولة حسين فهمي ,هالة فاخر ,عمر الحريري وآخرون .هذه المسرحية اكدت على كل ما عرفته سابقا عن أدب لينين الرملي . بعد العرض قضينا وقتا ثمينا حتى ساعات متأخرة من تلك الليلة مع هذا الكاتب العظيم , تحدثنا خلالها عن هموم المسرح الفلسطيني واهمية تبادل الثقافات بين الشعوب العربية وفتح أبواب المسارح العربية أمام المسرح الفلسطيني اضافة للفنون بشكل عام .وعن اهمية المسرح الجديد وتفاعله مع قضايا المجتمع وحصة لينين الكبيرة بذلك .
في اليوم التالي التقينا مرة اخرى ,وقدم لنا مجموعة من مسرحياته اهدانا اياها ,ومن ضمنها مسرحية “الحادثة” وقد قال لي ” تفضل هذه المسرحية ويسعدني ان تقوم باخراجها على خشبة مسرح السرايا في يافا “.وكان جوابي له :” ” هذا شرف عظيم لي و للمسرح والجمهور العربي في يافا وخارجها ” وافترقنا على أمل اللقاء مستقبلا.
وقد علق الكاتب عصام بصيلة على المسرحية ايامها حين عرضت بمصر :
” انت متفرج اذن انت ناقد … اتوقع دائما من الكاتب لينين الرملي شططا او تخريفا او جنونا قد يعتبر البعض هذه الصفات عيوبا في الإنسان … نعم قد تكون كذلك . ولكنها في الفنان ميزة عظمى والمقصود هنا الخيال البعيد الذي يتحول الى ابداع جديد يحيطه فكر مستنير , وهكذا كان لينين الرملي في الحادثة عندما شاهدت المسرحية …”
قبل عشر سنوات قمت بإخراج مسرحية الحادثة والتي اعتبرها من أهم الأعمال المسرحية التي أخرجها مسرح السرايا طبعا بعد الاحتفاظ بحقوق الكاتب بناء على اتفاق رسمي عقد معه. في يافا الحادثة كانت وما تزال الوجه الجميل لما قدمه مسرح السرايا في تلك الفترة الذهبية عندما كنت المدير الفني لهذا المسرح الذي أسسته قبل ما يزيد عن عشرين عاما .
مسرحية الحادثة جعلتنا نضحك بشكل ساخر من الاستبداد والظلم واستغلال الانسان البسيط وخاصة النساء من السلطة المتمثلة بالبرجوازية الزائفة.
لقد كنت على حق
لأن الحياة ما هي
الا الم وفرح
شكرا لك لينين الرملي لانك جعلتنا نضحك ولكن لا نموت
يافا –آيار 2020
لينين الرملي عطرت ذكراه وطيب الله ثراه قامة مسرحية عالية بارثه الثر ..خسارة كبيرة للمسرح المصري والعربي ..باقية اعماله ونصوصه
حضرت له عملا مسرحيا في مسرح الهناجر عام ٩٣ اثناء مشاركتي بمونودراما- الزاروب- ضيفة على هامش المهرجان ..ادهشني العمل الذي اعتمد الحركة وكانت مدرسة مستحدثة انذاك..ولا انسى التماثيل الفرعونية على المسرح وجمالها الفرجوي،وكان نتاجه سيششارك في المهرجان التجريبي يومها ولم يتم ذلك فدعينا كل الضيوف لحضور عمله دعما له وكم كان فرحه جليا بعددنا الكبير فالقاعة غصت بالحضور ومنهم من جلس ارضا
الف رحمة على روحه الخلاقة المبدعة وتفانيه في العطاء للمسرح ومصر