أوراق أدبيةحين ينطق القلم

آهِ لو أن لي سماء !

بشير شريف البرغوثي

و اخترقت طائرات العدو عباءتي .. و قيل إنها اخترقت حاجز الصوت و لكنها حقا كسرت حاجزالصمت .. فصرخت ملء حنجرتي : آهِ لو أن لي سماء !
من أين و ليس لي أرضٌ .. و أبواب المنافي موصدةٌ .. و شواطيء يافا ساحات الذباب و فيافي الصحراء مساحات السراب ؟ إن هي إلا أبواب دمشق مشرعة كباب قلبي
باب قلبي لم يخش الحب يوما و أبواب دمشق لا ترتعد حجارتها خوفا من غزاة
لكنه حنينٌ يراودنا .. حنينٌ لا يعرفه أعداء الحياة .. أترانا أجرمنا بحق الحب يوم تركنا أبواب قلوبنا مشرعة لكل من قال إني حبيبٌ هاربٌ من دوامة الحقد إلى أبواب الحياة ؟
و ليس ياسمين الشام سراً .. إنما هو سببٌ من أسباب الحياة
و أسباب الحياة كثيرةٌ .. هكذا قال من عاشوا و ليس بوسعي أن أشهد بهذا ذلك أني ضيّعت نصف عمري في انتظار الحياةِ طفلا و ضيعت نصفها الآخر في انتظار الموتِ كهلا .. فلم أدرك أيا منهما و بقيت كعصفور يرتعد جناحاه في خوذة جنديٍ قتيلٍ كان معلوما طوال سنيِ الهزيمة و لما انتصروا صار مجهولا .. بقدرة رأس المال و الإعلام و أعداء النصر و من لم يعتمروا الخوذات العسكرية و لم يعشقوا سحر الرصاص !
هكذا نحن ! لا نأبه خلال الحرب بتنامي أعداد الخوذات و نقص الجنود و إنما نشكو نقص الماء المقطر و الياسمين المعطر على أسوار بيوتنا.

بشير شريف البرغوثي

بدأ الكاتب بشير شريف البرغوثي حياته المهنية مترجما و محللاً سياسياً و باحثاً في دار الجليل للنشر و الدراسات و الأبحاث الفلسطينية في العاصمة الأردنية عمان و خلال الفترة من سنة 1984-1989 صدرت له عن تلك الدار عدة كتب و أبحاث باسمه أو باسم الدار و تميزت كلها بالريادة و استشراف الأحداث و كان كتاب " إسرائيل عسكر و سلاح " سنة 1984 أول من أوائل الدراسات العربية حول خطورة تمدد المجمع الصناعي العسكري الإسرائيلي في العالم. و في سنة 1986 أصدر أول دراسة شاملة عن تأثير المياه في الصراع العربي الصهيوني بعنوان " المطامع الإسرائيلية في مياه فلسطين و الدول العربية المجاورة و قد ظل هذا الكتاب سنوات طويلة مرجعا أساسيا لكثير من الدراسات و الدارسين و الساسة , و قد تنبأ فيه إلى أهمية مطالبة الفلسطينيين بتعويضات عن الاستغلال الإسرائيلي لمياههم و مواردهم الطبيعية فور ان تسنح أية بادرة تفاوض !

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *