آهِ لو أن لي سماء !
بشير شريف البرغوثي
و اخترقت طائرات العدو عباءتي .. و قيل إنها اخترقت حاجز الصوت و لكنها حقا كسرت حاجزالصمت .. فصرخت ملء حنجرتي : آهِ لو أن لي سماء !
من أين و ليس لي أرضٌ .. و أبواب المنافي موصدةٌ .. و شواطيء يافا ساحات الذباب و فيافي الصحراء مساحات السراب ؟ إن هي إلا أبواب دمشق مشرعة كباب قلبي
باب قلبي لم يخش الحب يوما و أبواب دمشق لا ترتعد حجارتها خوفا من غزاة
لكنه حنينٌ يراودنا .. حنينٌ لا يعرفه أعداء الحياة .. أترانا أجرمنا بحق الحب يوم تركنا أبواب قلوبنا مشرعة لكل من قال إني حبيبٌ هاربٌ من دوامة الحقد إلى أبواب الحياة ؟
و ليس ياسمين الشام سراً .. إنما هو سببٌ من أسباب الحياة
و أسباب الحياة كثيرةٌ .. هكذا قال من عاشوا و ليس بوسعي أن أشهد بهذا ذلك أني ضيّعت نصف عمري في انتظار الحياةِ طفلا و ضيعت نصفها الآخر في انتظار الموتِ كهلا .. فلم أدرك أيا منهما و بقيت كعصفور يرتعد جناحاه في خوذة جنديٍ قتيلٍ كان معلوما طوال سنيِ الهزيمة و لما انتصروا صار مجهولا .. بقدرة رأس المال و الإعلام و أعداء النصر و من لم يعتمروا الخوذات العسكرية و لم يعشقوا سحر الرصاص !
هكذا نحن ! لا نأبه خلال الحرب بتنامي أعداد الخوذات و نقص الجنود و إنما نشكو نقص الماء المقطر و الياسمين المعطر على أسوار بيوتنا.