الضم، والانتفاضة، و”الكوابح” المتصهينة!
عبداللطيف مهنا
كيفية الضم، أتأتي على “على نطاق واسع”، بمعنى اكمال استراتيجية تهويد ما تبقَّى من الضفة بإنجاز الخطوات المزمعة المعروفة، التي يحبّذها نتنياهو وأعلنها ويصر عليها، مستنداً إلى “رؤية ترامب”، النتنياهوية الأصل المعارة فالمتبناة من الأخير، أو منتهزاً لها ولحالة جائحة عمى الانهزامية الرسمية العربية المتفشية؟! أم الضم “بصيغة مقلَّصة”، بمعنى أن يأتي “بشكل تدريجي وفق جدول زمني مرن”، والتوصيفين هما لصحيفة “يسرائيل هيوم”؟!
هذه الكيفية التي لا من خلاف صهيوني على مراميهما وإنما على شكلها، أتدريجي أم واسع، هي مثار الجدل الآن وأمر اليوم في الكيان الصهيوني، وبالتالي هي المهمة التي ينشط للتجسير بين طرفي شكليها صهيوني استيطاني عتيد بمرتبة سفير الولايات المتحدة الأميركية في فلسطين المحتلة، والموكل بمتابعة تطبيق “صفقة القرن”، ديفيد فريدمان!
لكي نعلم سهولة مهمة فريدمان التجسيرية، تكفي الإشارة فحسب إلى أن من مسلمات “الضم المقلَّص” مثلاً، ضم الكتل الاستيطانية الكبرى، أو ما باتت مدناً، “معاليه أدوميم”، كفار عتصيون، اريئيل، والتي فيهن وحدهن نسبة 80% من المستعمرين، ومن بعد لا بأس فالباقي يأتي تدريجياً!
بين الموسَّع والمقلَّص عقبة واحدة على فريدمان ونتنتنياهو وغانتس تذليلها، وهذا لا يكون إلا تحت يافطة “تنازلات مؤلمة” تسوَّق لتباع للانهزاميين العرب والفلسطينيين، والهدف واحد هو تجييش هؤلاء لخدمة الهاجس الأمني الاحتلالي بالمساعدة في إخراج عملية الضم بالعمل على تفادي اندلاع انتفاضة شعبية فلسطينية تحسب المؤسسة الأمنية الصهيونية لها ألف حساب، ولا بأس لديها إن أختصرت ردود الأفعال في الاحتجاجات والمظاهرات..
هنا بدأنا نسمع مصطلحاً خيانياً جديداً يضم إلى نفض اليد من قضية الأمة المركزية في فلسطين، والتطبيع مع عدوها، إنه اخضاع الفلسطينيين بمساعدة “كوابح عربية”، بمعنى ضغوط، وهذه تترى هذه الأيام على “سلطة التنسيق الأمني” مع المحتلين، هذه التي تعاني نقصاً مزمنا في المناعة يقودها دائماَ إلى التكيُّف مع املاءات الاحتلال، وفوقه يأتي الآن سيل من الوشوشات المسمسرة ممن هم من صنفها من الأشقاء العرب!
في السياق إياه يأتي خبر القناة التلفازية الصهيونية “كان” بشأن جولة لرئيس الموساد يوسي كوهين على عدد من الدول العربية، بتكليف من نتنياهو، “لبحث مخطط الضم، وسماع مواقفهم، وسيناريوهات ردود الأفعال عليه”، و عددت القناة محطات كوهين: ” الإمارات، البحرين، عُمان، ومصر، وربما الأردن”!
ثلاثة أرباع قرن أسقطت عند الفلسطينيين ايهامات مقولة الشرعية والعدالة الدولية، وربع قرن تسووي أوصل قضيتهم وتضحياتهم إلى ماهي عليه، ويزيد الطين بلة واقع عربي رسمي تتفشى في عديد مواقعه ظاهرة التصهين، بحيث بات لسان حالهم يقول لأشقائهم المتصهينين، لا نطالبكم بنصرتنا وإنما فقط كفوا أذاكم عنا.. لم يبق لهم إلا ما لم ولن يخذلهم: دمهم، وإرادتهم، وأمتهم، وحيَّا على المقاومة.