سؤالهم…الوجود والمصير المنفوي وسؤالنا الثبات والمقاومة والتحرير
د. عادل سمارة
يجب أن نفكر بهدوء حتى تحت القصف كي نرسم لما بعده.
لم نكتشف الكثير مما فينا ولحسن الطالع أن العدو لم يكتشفه أيضا فجاء رائعا لنا وصادماً لهم.
ولكن جهل العدو ورائه الغطرسة والاستشراق بطبعاته وخاصة طبعته الأخيرة “الاستشراق الإرهابي“. أما جهلنا فورائه أمران ينقضان بعضهما فنحن فريقان:
- فريق الشعور بفائض القوة فيبذرها
- وفريق يستدخل الهزيمة فيضيِّع الإنجاز.
أماطت القدس عن أعيننا الكثير، فليست الحلقة الأضعف بل الأقوى.وهنا فلسفة الحدث الذي يفاجئنا ويكون الأساس: كيف نتعاطى معه بما يجعله قوة دفع لنا:
فالتحدي والغطرسة الصهيونية ضد القدس أيقظت القوة الكامنة من حيث رمزية المقدس، وحرية المكان في باب العامود وخطر الإجلاء من الوطن مما يسحق المكان والمسجد والكنيسة والاناس طبعاً. وهي تحديات فجرت قوة كامنة لم يكن ليفجرها سوى تحدٍ من هذا المستوى. لأن هذا الرد كان أضعاف التحدي.
في القدس وفي المحتل 1948 استيقظت الكرامة الإنسانية وانتزاع الأرض وتفكيك المجتمع، الكرامة التي أُهينت لعقود وتمت رشوتها بالمال والمخدرات وهزها نفسيا بتطبيع عديد الحكام الفلسطينيين والعرب لتظهر القوة الكامنة على شكل تحدٍ مسلح.
ولا يختلف الأمر في غزة التي تعرف جيداً أن الاشتباك مع العدو كلفته دم المدنيين،ولكن التناقض التناحري مع العدو يبرر كل التضحيات لذا، يجب أن لا تُعطى الأُذُن لدعاة الاستسلام.
فهمنا اليوم أن إهمال جغرافيات التشتيت وفرض هويات متباعدة على شعبنا كانت شغلا منهجيا علميا نفسيا وليست صدفة او تحصيل حاصل للنكبة.
ولذا علينا اليوم قراءة وإعادة بناء الشخصية الوطنية الفلسطينية الشاملة كمشروع وطني مقاوم رغم:
تحطيم الحيز الجغرافي الفلسطيني وتكرار تحطيمه
ورغم تفكيك البنية المجتمعية
والبنية الطبقية
والبنية الاقتصادية
وحتى النفسية
وهذا ليس التطهير عرقي بل إنهاء شامل للشعب، وليس التطهير العرقي سوى حلقة من حلقاته.
وكل هذا ورائه سؤال: ماذا نعمل اليوم.
اليوم وخلال الصراع ليس المطلوب أي مستوى من الاشتباك الذاتي البيْني، وليس المزايدات المتخلفة العتيقة، بل دع مائة زهرة تتفتح، دع كل فلسطيني أن يساهم كما يرى وكما يمكنه.
ليكن تقسيم عمل ضمن المشروع الوطني. دع من يصر على الحديث الدولي الدبلوماسي يفعل، وقاتل انت كفدائي لتأخذه إلى التكامل. ولنتوقف عن المراكمة الفصائلية سواء دينية او علمانية لتسخير كل شيء للمراكمة الوطنية.
أما فيما يخص حركة التحرر العربية فالمطلوب مستويين على الأقل:
- مستوى يظهر اثره لاحقا وهو مقاطعة حقيقية يومية لمنتجات كافة الأعداء لأن استهلاك منتجاته هو تطبيع من كل فرد يقم بذلك.
- ومستوى مباشر تفكيك مفاصل مؤسسات/مستوطنات الدول العدوة وإرباك وتفكيك مفاصل قوى أمن نظمة التبعية.
يجب أن نبني على ما يجري إنجازه:
الأول: بداية استرداد الشارع العربي من قوى الدين السياسي ونظمة التبعية وأن نحذر استعادة قوى الدين السياسي لمزاعم الصراع الديني والحل الديني…الخ والذي أوصلنا إلى أكذوبة الإبراهيمية. ويكفي أن هبة القدس قد عرتها وعرت أخطر نظامين في الدول الإسلامية:
- * النظام التركي الذي كان سفيره يتناول الإفطار يوم 28 رمضان مع رئيس الكيان
- والنظام السعودي الذي وقف ينتظر حتى خلال المذبحة والصمود أن يغتصب الإشراف على الأقصى!
والثاني: انعتاق الجيل الفلسطيني الجديد من قيود القيادات المتكلسة إنعتاقا حتى نحن فوجئنا به.
والثالث: إن هذا الامتداد النضالي على عموم الساحة الفلسطينية قد أعاد الكيان مجددا إلى لحظة البدء إذ طرح عليهم سؤال الوجود وسؤال المصير ومن ثم سؤال العودة للمنفوية اليهودية.
ورابعا: طرح لينا كيف نحمي ما تم إنجازه وفي الحد الأدنى لا تهدئة رسمية مبتذلة وذلك على الأقل للأسباب التالية:
- وطن مغتصب يستدعي المقاومة حتى التحرير والعودة
- عدو غاصب يشكل تحدياً لديمومة المقاومة
- في الحد الأدنى التوقف عن قضم الأرض في مختلف مناطق المحتل 1967 والشيخ جراح نموذجاً
- عدم التوهم بأن الصراع ديني لأن هذا يصب في التحليل الأخير في صالح الثورة المضادة التي تجمع امريكا والسعودية وتركيا والكيان.
- لا بد من تشكيل لجان شعبية دائمة وقيادات ميدانية تسحب قيادات الفصائل إليها وصولا إلى جبهة وطنية موحدة
- إعادة اللحمة للحركة الوطنية الأردنية والفلسطينية الموحدة وصولا إلى حركة تحرر عربية موحدة.
وأخيراً فلنتذكر كل يوم بأن علينا تحويل العربي من موقف المشاهد والمتعاطف إلى موقف الظهير الشعبي لمحور المقاومة أي أن نحرك مشاهينا ليردفوا فدائيينا ومجاهدينا.
https://www.facebook.com/ORTAS.Online/videos/6236536406372446/