يوم الارض- على صدوركم باقون…!
نواف الزرو
تبقى الأرض في يوم الأرض الفلسطيني عنوان القضية والصراع والمستقبل، هكذا كانت منذ البدايات الأولى للصراع العربي / الفلسطيني – الصهيوني على أرض فلسطين، وهكذا استمرت وبقيت العنوان العريض والكبير والاستراتيجي لكل ما يجري هناك من صراعات وصدامات ومواجهات شاملة لم تتوقف منذ البدايات.
فمعركة الأرض حملت معها دائماً كل العناوين الأخرى وكل العناصر والأبعاد الأخرى المتعلقة بالعقيدة والهوية والانتماء والتاريخ والحضارة والجغرافيا والمستقبل في العمق والأفق الاستراتيجي.
كانت انتفاضة يوم الأرض في الثلاثين من آذار 1976 ، حيث خرجت كل الجماهير العربية الفلسطينية هناك في الجليل والمثلث والنقب لتعلنها انتفاضة عربية ضد لصوص الأرض والتاريخ …ليسقط على ثرى الارض هناك ثلة من الشهداء الابرار الذين حملوا وخلدوا ذكرى يوم الارض على مدى الزمن …
تكرس ذلك اليوم منذ ذلك التاريخ باعتباره يوماً لفلسطين وللأرض وللقدس والمقدسات… يوماً لتأكيد عروبة فلسطين مرة تلو الأخرى، وسنة تلو الأخرى ..
وتكرس ذلك اليوم باعتباره اطول ايام الصراع مع المشروع الصهيوني، اذ يمتد الى اكثر من قرن من الصراع على الارض، منذ ان قررت الحركة الصهيونية غزو فلسطين لاقامة وطنهم القومي فيها، فمن صفر ملكية للارض في مطلع القرن العشرين، الى سيطرة وهيمنة كاملة على ارض فلسطين في العام/2018، لذلك سيبقى يوم الوطن والبلاد والحقوق والتاريخ والمستقبل.
الى ذلك، ففي ابرز واخطر عناوين المشهد العربي في فلسطين المحتلة 48 ونحن امام الذكرى الثانية والاربعين ليوم الارض:
- ان 90% من الراي العام الصهيوني يؤيدون تهجير عرب 48.
- تفشي مظاهر العنصرية في المدارس اليهودية والاجماع هناك في مناهجهم التربوية على “ان العربي الجيد هو العربي الميت”، فكشف عدد من مدرسي موضوع المدنيات في المدارس اليهودية في اسرائيل عن مظاهر عنصرية متفشية بين الطلاب اليهود وهي مثل عبارة “الموت للعرب” على دفاتر الإمتحانات وجدران المدارس”.
- تقرير حقوقي نشر في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، بعنوان “العنصرية 11″، يكشف النقاب عن تصاعد الاعتداءات العنصرية من قبل المؤسسات الرسمية الصهيونية ومن قبل متطرفين يهود ضد عرب الداخل.
- أظهر تقرير آخر”أن الحاخامات الذين أفتوا بمنع إسكان العرب أو بيعهم، لا يغردون خارج سرب العنصرية، وأن العنصرية والعداء للفلسطينيين والعرب يعبّران عن فكر ونهج راسخين في النظام والتجمع الاستيطاني الصهيوني”.
- ان هذا الانفلات العنصري الارهابي المجنون الذي نتابعه في الآونة الاخيرة على امتداد مساحة الوطن العربي الفلسطيني، ليس عفويا او لمرة واحدة او بمبادرة فردية من اقطاب اليمين الصهيوني المتشدد مثل مارزيل وبن غفير وغيرهما، بل هو انقضاض عنصري فاشي برعاية سلطوية كاملة، بل “أن قادة اليمين المتطرف يتنظمون المسيرات العنصرية الارهابية في المدن العربية وبحماية قوات الاحتلال، كما أعلنوا عن تشكيل طواقم خاصة لمتابعة القرى والمدن العربية.
- انهم كمؤسسة واحزاب وتنظيمات وهيئات صهيونية مختلفة تعمل على مدار الساعة من اجل تهويد الزمان والمكان الفلسطيني تهويدا شاملا، ويعتمدون في ذلك”سياسات التطهير العرقي” التي لم يتوقفوا عنها منذ احتلال واغتصاب فلسطين.
- في عكا المحتلة تحديدا- كان رئيس بلدية عكا السابق شمعون لانكري- اعلن في خطاب تحريضي ضد عرب المدينة التي كانت عربية خالصة قبل قيام دولتهم: “من يرفع رأسه سنقطعه، المدينة ستبقى لنا إلى أبد الآبدين”، مضيفا: “عكا كانت لنا، وستبقى لنا إلى أبد الآبدين، لن نسمح لأحد أن يمس هذه المدينة،/ هناك أناس يريدون تخريبها، ولكن نحن لن نسمح لهم”.
- – وقائد هيئة الأركان الأسبق للجيش الإسرائيلي سابقا موشيه يعلون يقول: “ليست هناك فرصة للتعايش بين “الشعبين” العربي واليهودي”، مشيرا في مؤتمر نظمته في مستوطنة نهلال داخل أراضي 48 ما تسمى “اللجنة لمتابعة تحقيق قيم الصهيونية في أرض “إسرائيل” إلى “عدم إيمانه بالسلام بين العرب واليهود وبحياة الشراكة بينهما”.
ومن عكا الى يافا والناصرة وقرى المثلث والجليل فالنقب، تدور المعارك اليومية على الارض والوجود في سياق صراع استراتيجي لا يقبل التعايش.
هكذا هي الامور والوقائع…
فنحن ما زلنا حتى اليوم في فضاءات النكبة واغتصاب الوطن ويوم الارض، الذي بات في الوعي الوطني الفلسطيني ربما اكبر واهم من ايام النكبة.
فالاصل فيما يجري في قرى مثلث يوم الارض وام الفحم وعكا ويافا وكل مدن فلسطين 48 انه صراع سياسي سيادي وطني وجودي كامن تحت الرماد بل وفوق الرماد في معظم المراحل الزمنية .
والمعركة في هذه الايام ما تبقى من الارض وعلى المدن الفلسطينية التاريخية…وعلى الهوية والمسميات…
وفي هذه المعركة اليومية أصبح الفلسطيني هناك يعلنها جلية واضحة مدوية:هذا وطننا وإحنا هون…
فتكرست في ثقافتنا الوطنية العروبية مصطلحات وشعارات تشرح القضية من بداياتها الى راهنها.
وفي الصراع المحتدم على امتداد مساحة فلسطين بات اهلنا هناك يرددون معا:
هنا على صدوركم باقون كالجدار ..
وفي حلوقكم كشوكة الصبار …
كأننا عشرون مستحيل في اللد والرملة والجليل