أمريكا لا تخجل من الإنسحاب و لو كان مذلا
بشير شريف البرغوثي
هل تسحب أمريكا قواتها من سوريا ؟ و هل سحب قواتها يعني اندحار مشروعها ؟ أم ركونها إلى وكيل قوي ؟
أمريكا معنية بكل الأسباب و المعاني باستمرار القتال في سوريا .. هذا أمر يلح عليه صناع انظمة السلاح القديمة والجديدة معا و تلح عليه اسرائيل و تلح عليه تركيا .. مقابل مصلحة روسية قوية في إنهاء القتال و تدشين حقبة بوتين الجديدة بنصر مميز و مصلحة سورية لا تقل بل تزيد عن ذلك
أمريكا لا تخجل من الإنسحاب و لو كان مذلا .. ها هي تمد اياديها الى فيتنام بكل الترحاب و ها هي تناور على استحياء غير معهود لديها من أجل عناق الكوري الشمالي
لكن فشل مشروعها الآن يهدد كل ما صنعته من أنظمة و ما بنته منذ الحرب العالمية الاولى حتى الآن الا و هو المشروع الصهيوني
صحيح أن العقيدة القتالية للجيش السوري لا تقوم على الإندفاع .. متى أتيح . هذه نمطية الجيش الإيراني و الإسرائيلي لأسباب مختلفة طبعا , أما الجيش السوري فتقوم نظريته على التثبيت المزدوج .. تثبيت المواقع الجديدة و تثبيت السيطرة النارية و تكثيفها على المناطق المستهدفة .
و هو غير مستعجل على الإندفاع و هو لم يتعجل الإندفاع نحو الحجر الأسود و مخيم اليرموك و لن يستعجل الإندفاع .. لا نحو الجنوب و لا نحو الشمال بل ربما تكون حركته نحو الشمال أهم له من اي تحرك باتجاه الجنوب لأن الحليف الروسي من مصلحته ان تبقى تركيا الان تحت عينيه تماما فقد أرادت اوروبا جعل تركيا مدخلا لآسيا و أرادت امريكا ايضا تحجيم دور الناتو في الناتو كمنافس لقواعدها و خدماتها الاعلى سعرا من نظيرتها التركية و لكن روسيا تسعى الى توظيف تركيا كنقطة انطلاق ” و تفاهم ” معقول مع شركائها الأوروبيين
لكن إيران تريد أن ينشغل العالم الغربي بأي قصة اخرى غير سلاحها الباليستي و غير مشروعها النووي و هي تدرك أن المعادل الموضوعي لها في مواجهة دول الخليج و مصر هو التعبئة ضد اسرائيل .. هكذا تحظى بتأييد قطاعات عربية واسعة و تستطيع تأمين مصالحها الإقليمية
و سوريا تدرك اهمية هذا العامل الإيراني في الفترة القادمة لتحريك ملف الجولان .. الأمر الذي لا بد للروسي أن يعامله بحذر شديد يؤمن لسوريا وحدتها الإقليمية كحليف موثوق و لكنه لا يصعد باتجاه اسرائيل بشكل مكشوف او متعجل فهذه – أي اسرائيل هي ورقة ثمينة جدا لروسيا في جلب الغرب من أنفه الى أي محادثات حول أي ملف أي ان الورقة التركية آنية أما الورقة الإسرائيلية فالتعامل الروسي معها اعقد لأن اسرائيل ورقة استراتيجية للغرب كله
لكنها الحرب و الحرب تحتمل كل أشكال المفاجآت ..
فلسطينيا نأمل أن لا تكون أي عملية جراحية في مخيم اليرموك مثارا للطم الفضائيات و هز وضع سوريا فلسطينيا لأن المطلوب الآن هو تعزيز العلاقة مع سوريا .. هذا ما على الفلسطينيين ان يقوموا به حتى من باب البراغماتية السياسية ناهيك عن أي عامل آخر
و في سوريا خزان طاقة بشرية عسكرية فلسطينية من جيش التحرير و الفصائل الأخرى و من العبث الحديث عن وحدة وطنية فلسطينية في ظل استبعاد هذه الطاقات .. لا مصلحة لعربي في ذلك و كما تقدر كل دولة عربية مصالحها ومكامن الخطر التيقد تتهددها فإن الفلسطينيين لديهم صراعهم و هو الأنقى و الأرقى كلما اتيح لهم أن يخوضوه من موقع و موقف مجابهة العدوان العنصري الصهيوني عليهم.